كشفت دراسة -أعدتها هيئة معنية بمراقبة أنشطة شركات الأدوية الألمانية بأسواق العالم الثالث- أن عددا كبيرا من تلك الشركات تصدر للدول النامية منتجات غير مطابقة للمواصفات الطبية، كما أن المواد الداخلة في تركيب بعض الأدوية التي تنتجها محرمة دوليا أو محظور استخدامها في ألمانيا لخطورتها على صحة الإنسان.
وفي الدراسة التي نُشرت نهاية الأسبوع الماضي تحت عنوان: "صفقات رابحة.. الأدوية الألمانية لدول العالم الثالث"، قام خبراء تابعون لهيئة "فارما كامبين" التابعة لمنظمة "بوكو" (منظمة دولية تعنى بقضايا الدواء في العالم الثالث) بتقييم منتجات 33 شركة ألمانية في 46 دولة نامية.
وكشف الخبراء في الدراسة -التي اطلعت عليها إسلام أون لاين.نت الخميس 6-1-2005- أن 39% من إجمالي الأدوية والمستحضرات الطبية التي تصدرها تلك الشركات للدول النامية "عديمة الفائدة تماما" أو أنها "ذات تأثير سلبي على صحة الإنسان"، بل وبعضها تم حظر استخدامه في ألمانيا منذ سنوات، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الألمانية.
وقال الخبراء أيضا: إن 40% من الشركات الـ33 التي تم متابعة أنشطتها في دول العالم الثالث تصدر أدوية ومستحضرات طبية لم يعد تداولها مسموحا به في ألمانيا نفسها.
مواد محرمة دوليا
وبحسب الدراسة، فقد ثبت أن 57% من المستحضرات الطبية التي تصدرها شركة "بورينجر إنجيلهايم للمستحضرات الطبية" الألمانية -على سبيل المثال- للعالم الثالث غير مطابقة للمواصفات الطبية، وبعضها يدخل في تركيبه مواد محرمة دوليا.
ومن بين تلك الصادرات مادة البرولينتان المحرمة في ألمانيا والتي ما تزال الشركة نفسها تصدرها إلى دول العالم الثالث.
وقالت الدراسة أيضا بأن شركة "باير" الشهيرة (مقرها في مدينة ليفركوزين بولاية نورد راين- فيستفالين في غرب ألمانيا) تسوق في إفريقيا والشرق الأوسط وباكستان أدوية لعلاج الحساسية تحتوي على مادة أنسيدال، وهي مادة تم منع استخدامها في ألمانيا منذ عام 1998، وتؤدي إلى تغير في تركيب الدم.
أدوية بلا تأثير
من ناحية أخرى، أعدت الدراسة قائمة بأدوية تباع بمبالغ باهظة في دول العالم الثالث رغم أنها ليس لها تأثير يذكر، مثل الأدوية المسكنة للآلام وعلاج الكحة والأقراص المنشطة جنسيًّا والمهدئات والفيتامينات وأدوية الأطفال.
وأشارت إلى أنه رغم حظر السلطات الألمانية تصدير المواد الطبية المشكوك فيها فإن ذلك لم يكن كافيا لإخلاء أسواق الدول الأخرى من المستحضرات المحرمة، حيث يمكن تخزين تلك المواد وعرضها للبيع بعد ذلك خارج ألمانيا.
غياب الرقابة
وأرجعت الدراسة استمرار هذا النوع من التجارة بالمستحضرات الطبية الخطرة في دول العالم الثالث إلى غياب الرقابة على سوق الدواء، وسوء إدارة الجهات الرقابية في هذه الدول.
وذكرت الدراسة عددا من الدول هي أكثر الأسواق رواجاً بالنسبة للمستحضرات الطبية المحظورة، جاء على رأسها البرازيل والمكسيك وجنوب إفريقيا. فيما تقل نسبة المبيعات في دول شرق أفريقيا بسبب الأحوال الاقتصادية المتدهورة هناك والتي ربما لا تسمح بشراء أدوية أصلا.
منظمة "بوكو"
يشار إلى أن حركة "فارما كامبين" التي أشرفت على إعداد الدراسة هي حركة منبثقة عن المنظمة الاتحادية الدولية "بوكو"، وأسست الحركة بهدف مراقبة أنشطة شركات الأدوية الألمانية في دول العالم الثالث بصفة خاصة.
و"بوكو" هي منظمة دولية أنشئت قبل أكثر من 20 عاما ومقرها مدينة بيليفيلد بولاية نوردراين- فيستفالين في غرب ألمانيا، وتهتم بقضايا الدواء بالعالم الثالث وتضم نحو 200 حركة وجماعة تضامن مع دول العالم الثالث.
وتهدف "بوكو" إلى حماية حق الإنسان في ظروف معيشية صحية، ومعروف عنها معارضتها الشديدة للعولمة، حيث تعمل دائما على توضيح الانعكاسات السلبية لاقتصاديات العولمة.